الوصية الـثـامنـة .. كيف توافقين على الزواج
قال تعالى :
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) " الروم : 20 "
وقال صلى الله عليه وسلم : (أربع من سنن المرسلين , الحياة والتعطر والسواك والنكاح) . (رواه الترمذي)
وقال صلى الله عليه وسلم : (يا معشر الشباب، من أستطاع منكم الباءة فليتزوج)
وقال صلى الله عليه وسلم : (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا ذلك تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).
عندما يتحدث الناس عن الزواج يتطرقون للشروط المطلوب توفرها في الفتاة. ويضعون لها مواصفات دقيقة ابتداء من لون الشعر والعون والطول والوزن وانتهاء بالشهادة الجامعية أو الوظيفة . وإذا اهتموا قليلا ً سألوا عن دينها وتقواها لا حرصا ً منهم على دينها وعبادتها ولكن كي يثق الرجل بها . وهكذا تنقلب الصورة مرتين : مرة في البحث عن مواصفات غير ذات قيمة والمرة الثانية في نسيان مواصفات الرجل معتبرين أن القبول به مسألة لا تحتاج إلى نقاش , وأنه ما أن يطلب أية فتاة حتى تهرول إلية موافقة . وقد ساد هذا المفهوم في مجتمعاتنا الإسلامية المعاصرة بشكل مؤذ وفقدت المرأة بندا ًهاما ً من بنود شخصيتها وحريتها واحترامها لنفسها واختيارها . وهذا كله ليس من الإسلام في شيء . وما هو إلا من بقايا العهد البائد الذي طغى على ديار المسلمين وغير مفاهيم الإسلام لديهم ووضع المراة في مرتبة متأخرة عن الرجل وحولها إلى كائن سلبي لا إرادة له , وأن مهمته في الحياة هي تلقي رغبات الرجل والاستجابة لمطالبه دون أن يكون لها أية رغبات أو مطالب ودون أن تكون لها أية شخصية , ولا يمكن بحال من الأحوال أن يقتنع أحد أن دينا ً يحترم المرأة ويقدرها يسمح للنساء المؤمنات به أن يكن هذا القدر المهين والمذل , لذا فإن الناس قد خرجوا عن تعاليم الإسلام في هذا الشأن و حرفوا كلماته وأوامره واستلبوا حقوق النساء فيه ورموا بهن في زوايا الإهمال , ولم تعد المرأة في مجتمعنا إلا وسيلة لقضاء شهوة الرجل وأداة للتفريخ تنجب له أولاده دون أن يكون لها حق المناقشة أو الإختيار في هذا الشأن.
إن إحترام الإسلام لشخصية المرأة أكبر مما يتصوره الآخرون الذين فهموا الإسلام فهما ً مغلوطا ً , فهو الذي جعل المرأة مساوية للرجل وشقيقة له , يجري عليها ما يجري عليه , لها ماله من الحقوق وعليه ما عليها من الواجبات .. وفي الوقت الذي وضع فيه الإسلام مواصفات المرأة المناسبة للزواج فإنه أيضا ً وضع مواصفات الرجل المناسب لهذه المهمة , حين اخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة تنكح لأربع : لمالها وجمالها وحسب دينها . وطلب من المسلم أن يظفر بذات الدين , فإنه أيضا ًيبين لنا أن هناك شروطا ً أخرى يجب أن تتوفر في الرجل , وأنه بمقدار ما يهتم الرجل بمواصفات المرأة التي سيقترن بها فإن المرأة تهتم بمواصفات الرجل الذي ستقترن به . وأنه ما لم يكن هناك وفاق في المواصفات الطرفين فإن حياتهم لن تسير في الإتجاه الصحيح .
إن الحياة الزوجية يا أختي المسلمة حياة ثنائية , أنت نصفها الكامل وزوجك النصف الآخر , وكما له الحق وضع شروط ومواصفات لك يريدها فيك , فإنه يجب أن تكون لك شروط ومواصفات تريدينها فيه حتى توافقي .. والزواج وفاق واتفاق , إذا أردت لحياتك أن تسير في الإتجاه السلم السعيد وتتقدم من أجل تحقيق الهدف الأسمى للحياة الإسلامية المثمرة البناءة التي تهدف أول ما تهدف إليه سعادة الزوجين وتعاونهما في متطلبات الدين والدنيا . فإن عليك أن تضعي شروطك كاملة واضحة أمام أبيك وأخيك أو ذاك الذي جاءك خاطبا ً.
وعليك أن تتمسكي بمطالبك هذه وشروطك وليس أحد في الدنيا يستطيع أن يفرض عليك شخصا ً لا تريدينه أو لا تنطبق عليه الشروط التي وضعتها له. ولا نريد هنا تعداد هذه الشروط لأنك التي تعرفينها وتعرفين ما يناسبك من أمور ومواصفات ترينها مناسبة لحياتك . وأنا على يقين من أن المسلمة المتعلمة المثقفة الملتزمة ذات الشخصية القوية المتماسكة لا تسمح لشيء , أن يمر عليها دون أن تناقشه وتتأكد منه لتوافق عليه و ترفضه .. إذا فهمت يا أختي المسلمة هذه النقطة الهامة فإن موافقتك على الزوج ستكون قائمة على الفهم الكامل والوعي الشامل لأمور دينك ودنياك , سعادتك وهناؤك ...
إن المرأة المسلمة الواعية تستطيع أن تؤثر في أبيها وأمها وأخيها , وتدلهم على طريق الخير والهدى وتتفاهم معهم على ما تريده لحياتها مع الزوج المؤمن الملتزم الذي يكرمها ويحنو عليها ويراعي توجيهاتها واتجاه نفسيتها ويهتم بمطالبها المشروعة في الإرتقاء بما لديها من مواهب وإمكانات تساعد في تمسكها بدينها ودعوتها لبنات جنسها من أجل الالتزام بهذا الدين القويم .
أختي المسلمة ...
إعرفي كيف توافقين على زوجك قبل أن يهدمك الخاطبون ويفرض عليك ولي الأمر شروطا ًلا ترضيك ولا ترين فيها سعادتك , واعلمي أنه لا يكفي أن يكون الرجل ملتحيا أو لابسا ً دشداشة مقصرة أو يحمل مسواكا ً في يده حتى يكون زوجا ًمناسبا ً, بل إن هناك شروطا ً أخرى أكثر أهمية من هذه الشؤون , أنت تحددينها وتطالبين بها .