فسيولوجيا التنفس الداخلى (الأنسجة) (شكل
يعود الدم من الرئتين إلى القلب وهو مشبع بالأكسجين وبعد ذلك يضخ البطين الأيسر الدم المؤكسج عبر الأورطى إلى كل أنسجة الجسم عبر الشعيرات الدموية . وتبادل O2 ، CO2 بين الشعيرات الدموية فى الأنسجة وخلايا الأنسجة يسمى بالتنفس الداخلى . وهذا يؤدى إلى تحول الدم المؤكسج إلى دم مختزل .
الدم المؤكسج يدخل إلى الشعيرات الدموية فى الأنسجة يكون فيه ضغط O2 = 105 ملم زئبق فى حين أن ضغط O2 فى خلايا الأنسجة يبلغ 40 ملم زئبق ونتيجة لهذا الاختلاف فى ضغط الـ O2 ينتشر O2 من الدم المؤكسج عبر سوائل بين الخلايا ويدخل إلى الخلايا حتى ينخفض ضغط O2 فى الدم إلى 40 ملم زئبق وهذا هو ضغط O2 فى الدم المختزل الداخل لأوردة الأنسجة .
وفى حالة الراحة وجد أن 25٪ من الأكسجين المتاح فى الدم المؤكسج يدخل إلى داخل الخلايا وتكون كافية لاحتياجات الخلايا فى حالة الراحة لذلك فإن الدم المختزل لازال يحتوى على قدر لا بأس به من O2 . ولكن فى حالة المجهود نجد أن كمية أكبر من الـ O2 تنتشر من الدم إلى الخلايا النشيطة .
وأثناء انتشار O2 من الشعيرات الموجود بالأنسجة إلى داخل خلايا الأنسجة نجد أن CO2 ينتشر فى الاتجاه العكسى وحيث أن ضغط CO2 فى خلايا الأنسجة يبلغ 45 ملم زئبق بينما الدم المؤكسج فى شعيرات الأنسجة يكون به ضغط CO2 = 40 ملم زئبق . لذلك ينتشر CO2 من خلايا الأنسجة عبر سوائل بين الخلايا إلى الدم المؤكسج بشعيرات الأنسجة حتى يزداد ضغط CO2 فى دم الشعيرات إلى 45 ملم زئبق وهو ضغط CO2 فى الدم المختزل . عندئذ يعود الدم المختزل إلى القلب الذى يضخه إلى الرئة وتبدأ دورة جديدة من التنفس الخارجى .
انتقال الأكسجين وثانى أكسيد الكربون (شكل 9)
انتقال الغازات بين الرئتين وأنسجة الجسم هو أحد وظائف الدم . فعندما يدخل O2 ، CO2 إلى الدم تحدث تغيرات فيزيائية وكيماوية تساعد فى نقل وتبادل هذه الغازات .
(I) انتقال الأكسجين (شكل 9)
نظراً لأن الأكسجين لا يذوب بسهولة فى الماء لذلك فإن نسبة قليلة منه تبلغ 1.5٪ تحمل فى صورة ذائبة فى بلازما الدم بينما باقى الأكسجين أى حوالى 98.5٪ منه يحمل فى صورة اتحاد كيماوى مع الهيموجلوبين داخل كرة الدم الحمراء . ووجد أن كل 100 مل من الدم المؤكسج تحتوى 20 مل من الأكسجين منها 0,3 مل أكسجين تكون ذائبة فى البلازما و19.7 مل تكون مرتبطة بالهيموجلوبين .
والهيموجلوبين يتكون من جزء بروتينى يسمى الجلوبين Globin والجزء الآخر عبارة عن صبغة محتوية على حديد وتسمى الهيم Heme . كل جزئ من الهيموجلوبين يحتوى 4 مجاميع هيم وكل مجموعة هيم ترتبط مع جزئ O2 . ويتحد الأكسجين مع الهيموجلوبين بطريقة يسهل تفككها ليكون الأكسى هيموجلوبين . ووجد أن 98.5٪ من الأكسجين يكون مرتبط مع الهيموجلوبين داخل كرة الدم الحمراء بينما 1.5٪ من الأكسجين يكون ذائب فى البلازما وهذا الجزء هو الذى ينتشر من الشعيرات إلى داخل الخلايا .
Hb + O2 HbO2
Reduced hemoglobin Oxygen Oxyhemoglobin
(deoxyhemoglobin)
العوامل التى تساعد على ارتباط وتفكك الأكسجين من الهيموجلوبين :
(أ) ضغط الأكسجين (شكل 11)
ضغط الأكسجين هو أهم عامل يحدد كمية الأكسجين التى ترتبط بالهيموجلوبين . والعلاقة بين النسبة المئوية لتشبع الهيموجلوبين بالأكسجين وضغط الأكسجين تتضح من منحنى تفكك الأكسجين والهيموجلوبين فعندما يكون ضغط الأكسجين مرتفع فإن الهيموجلوبين يرتبط بكمية كبيرة من الأكسجين وعندما يكون ضغط O2 منخفض يقل درجة تشبع الهيموجلوبين بالأكسجين ويتفكك الأكسجين من الهيموجلوبين .
لذلك فى الشعيرات الدموية الرئوية يكون ضغط O2 مرتفع وترتبط كمية كبيرة من الأكسجين بالهيموجلوبين ولكن فى الشعيرات الدموية فى الأنسجة يكون ضغط O2 منخفض ولا يحمل الهيموجلوبين كمية كبيرة من الأكسجين ولذلك يتفكك الأكسجين من الهيموجلوبين وينتشر إلى خلايا الأنسجة .
ويلاحظ أنه فى حالة الأنسجة فى حالة الراحة يكون ضغط الأكسجين 40 ملم زئبق ويكون الهيموجلوبين مشبع بالأكسجين بنسبة 75٪ لذلك فإنه فى حالة الراحة نجد أن 25٪ فقط من الأكسجين المتاح يمكن أن يتفكك من الهيموجلوبين ويستخدم بواسطة خلايا الأنسجة .
ولكن عندما يكون ضغط O2 بين 60 ، 100 ملم زئبق نجد أن الهيموجلوبين يتشبع بالـ O2 بنسبة 90٪ أو أكثر وهذا يعنى أنه حتى لو انخفض ضغط الأكسجين فى الحوصلات إلى 60 ملم زئبق فإن الدم يستطيع أن يحمل كامل طاقته من الأكسجين وهذا يفسر قدرة الأفراد على التنفس بصورة طبيعية حتى فى حالة انخفاض ضغط O2 كما فى حالة أمراض القلب أو الجهاز التنفسى أو فى المناطق المرتفعة .
ويلاحظ أنه عندما يكون ضغط O2 بين 10 ، 40 ملم زئبق نجد أن كمية كبيرة من O2 تتفكك من الهيموجلوبين نتيجة للتغير البسيط فى ضغط O2 . لذلك فى حالة الأنسجة النشطة (العضلات المنقبضة) ينخفض ضغط O2 إلى أقل من 40 ملم زئبق وعندئذ تتفكك نسبة كبيرة من O2 من الهيموجلوبين وذلك لإمداد الأنسجة بسرعة بكمية كبيرة من O2 .
(ب) العوامل المؤثرة على تفضيل الهيموجلوبين للأكسجين وشدة الارتباط بالأكسجين :
1- درجة الحموضة (pH)
فى البيئة الحامضية يقل تفضيل الهيموجلوبين للارتباط بالـ O2 ولذلك يسهل انفصال O2 عن الهيموجلوبين والسبب فى ذلك أن ارتباط أيون الهيدروجين (H+) بأحماض أمينية معينة فى الهيموجلوبين وتغير تركيبه وبالتالى تقل قدرته على حمل O2 . لذلك انخفاض الـ (pH) تسهل تفكك O2 من الهيموجلوبين وتوفر كمية كبيرة من O2 لكى تستخدمها خلايا الأنسجة .
2- ضغط CO2
زيادة ضغط ثانى أكسيد الكربون تجعل الهيموجلوبين يطلق المزيد من O2 . ووجد أن ضغط CO2 يرتبط بالـ (pH) حيث أن انخفاض (pH) الدم (زيادة الحموضة) تنشأ من زيادة ضغط CO2 . لأن عندما يدخل CO2 إلى الدم فإن كمية كبيرة من CO2 تتحول إلى حمض الكربونيك بواسطة إنزيم الكربونيك انهيدريز الموجود بكرات الدم الحمراء .
Carbonic
CO2 + H2O H2CO3 H+ + HCO3-
Carbon Water anhydrase Carbonic Hydrogen Bicarbonate
dioxide acid ion ion
وحمض الكربونيك المتكون فى كرات الدم الحمراء يتحلل إلى أيونات هيدروجين وأيونات بيكربونات . ونظراً لتزايد تراكم أيونات الهيدروجين تنخفض الـ pH . لذلك فإن زيادة ضغط CO2 تؤدى لزيادة حموضة البيئة مما يساعد على تفكك O2 من الهيموجلوبين ويلاحظ أن انخفاض pH الدم يمكن أن تنشأ أيضاً من تراكم حمض اللاكتيك وهو ناتج الميتابوليزم اللاهوائى للعضلات .
3- درجة الحرارة
فى حدود معينة نجد أن زيادة الحرارة تؤدى لزيادة تفكك الـ O2 من الهيموجلوبين . ومن المعروف أن الحرارة هى أحد نواتج التفاعلات الميتابوليزمية للخلية وأيضاً تنتج من انقباض الألياف العضلية . لهذا نجد أن الخلايا النشيطة تحتاج O2 لذلك نجد أن نشاط هذه الخلايا يؤدى إلى إنتاج CO2 مما يزيد حموضة البيئة وأيضاً نشاط الخلايا يؤدى لإطلاق حرارة وكلا من هذين الناتجين (الحموضة والحرارة) يعملان على تحرر المزيد من O2 من الهيموجلوبين .
4- تركيز Biphosphoglycerate (BPG)
هذه المادة توجد فى كرات الدم الحمراء وهى تقلل تفضيل الهيموجلوبين للأكسجين وبالتالى يزيد إطلاق O2 من الهيموجلوبين . وهذه المادة تتحد مع الهيموجلوبين مما يقلل ارتباط الهيموجلوبين بالـ O2 لذلك زيادة تركيز هذه المادة يزيد إطلاق O2 من الهيموجلوبين . وهناك هرمونات معينة مثل T4 ، هرمون النمو هرمون التستسرون والأبنفرن والنورابنفرن تزيد تخليق هذه المادة .
ملخص تبادل الغازات بين الرئتين والأنسجة (شكل 10)
الدم المختزل يدخل الرئتين محتوياً على CO2 فى الصور الآتية : CO2 ذائب فى البلازما + CO2 مرتبط مع الجلوبين مكوناً كاربامينوهيموجلوبين + CO2 فى صورة أيونات بيكربونات . وأيضاً يحتوى الدم الداخل للرئتين أيونات هيدروجين وبعضها يتحد مع الهيموجلوبين مكوناً (H.Hb) .
فى الشعيرات الدموية بالرئة نجد أن CO2 الذائب فى البلازما ينتشر إلى هواء الحوصلات ويخرج فى الزفير . بينما CO2 المرتبط مع الهيموجلوبين ينفصل عن الجلوبين وينتشر إلى هواء الحوصلات ويخرج فى الزفير . أما CO2 الموجود فى صورة أيونات بيكربونات يدخل كرة الدم الحمراء ويتحد مع أيون الهيدروجين ليكون H2CO3 الذى يتحلل بواسطة إنزيم الكربونيك انهيدريز (داخل الكرة الحمراء) إلى CO2 ، H2O . لذلك ينخفض تركيز أيون البيكربونات داخل كرة الدم الحمراء مما يشجع دخول أيونات بيكربونات من البلازما إلى داخل كرة الدم الحمراء (يصاحب ذلك خروج أيونات CL- من كرات الدم الحمراء إلى البلازما) وبذلك يستمر خروج CO2 من كرة الدم الحمراء إلى هواء الحوصلات ويتخلص منه فى الزفير .
فى نفس الوقت نجد أن الأكسجين الداخل مع هواء الشهيق ينتشر من الحوصلات إلى داخل كرة الدم الحمراء ويرتبط بالهيموجلوبين وبذلك فإن الدم المؤكسج يغادر الرئتين محتوياً مستوى عالى من O2 ومستوى منخفض من CO2 ، H+ .
وحيث أن زيادة CO2 فى الدم تؤدى لانفصال O2 من الهيموجلوبين فبالمثل نجد أن ارتباط O2 بالهيموجلوبين يؤدى لإطلاق CO2 من الدم . لأنه فى وجود O2 يقل ارتباط CO2 بالهيموجلوبين وذلك لأن ارتباط O2 بالهيموجلوبين يجعل الهيموجلوبين حامضى قوى وفى هذه الحالة يقل ارتباط الهيموجلوبين بـ CO2. فضلاً عن أن ارتباط الـ O2 بالهيموجلوبين يؤدى لإطلاق H+ الذى يرتبط بأيونHCO3- ليكون H2CO3 الذى ينقسم بدوره إلى CO2 ، H2O وثانى أكسيد الكربون هذا ينتشر من الدم إلى الحوصلات .
واتجاه تفاعل حامض الكربونيك يعتمد على ضغط CO2 فنلاحظ أنه فى شعيرات الأنسجة حيث يكون ضغط CO2 مرتفع نجد أن تفاعل حمض الكربونيك يتجه لتكوين H+ + HCO3- بينما فى شعيرات الرئة حيث ضغط CO2 منخفض فإن تفاعل حمض الكربونيك يتجه لتكوين H2O + CO2 .
التحكم فى عملية التنفس
فى حالة الراحة يتم استهلاك 200 مل O2 فى الدقيقة وهى كمية O2 الموجودة فى 1 لتر من الدم المؤكسج . خلال المجهود تزداد حاجة الجسم للـ O2 بمقدار 30 مرة عما هو فى حالة الراحة لذلك لابد من وجود تناسق بين عملية التنفس والاحتياجات الميتابوليزمية . لذلك فإن النمط الطبيعى للتنفس يتم التحكم فيه عن طريق مناطق معينة فى الجهاز العصبى .
التحكم العصبى (مراكز التنفس)
عضلات التنفس يتم التحكم فيها عن طريق مركز التنفس الموجود فى ساق المخ Brain stem ويحتوى مركز التنفس على ثلاث مناطق وظيفية : Rhythmicity area, Pneumotaxic area, apneustic area .
• Rhythmicity area منطقة النمط الطبيعى للتنفس
وظيفتها التحكم فى النمط الطبيعى للتنفس حيث أنه فى حالة الراحة يستغرق الشهيق 2 ثانية والزفير 3 ثانية وهذه المنطقة تحتوى على منطقة الشهيق ومنطقة الزفير .
عند بداية الزفير تكون منطقة الشهيق غير نشطة ولكن بعد 3 ثوانى تصبح نشطة فجأة وتصدر إشارات عصبية تستمر لمدة 2 ثانية وتنتقل إلى عضلات التنفس وهى الحجاب الحاجز وعضلات ما بين الضلوع وعندئذ تنقبض هذه العضلات ويحدث الشهيق وبعد نهاية الـ2 ثانية تصبح عضلات الشهيق غير نشطة مرة أخرى وتكرر الدورة نفسها خلال التنفس الطبيعى . الخلايا العصبية المسئولة عن الزفير تبقى غير نشطة حيث نجد أن الشهيق يتم عن طريق الانقباض النشط لعضلات الشهيق بينما الزفير ينشأ من الارتداد المطاطى السلبى للرئتين وجدار التجويف الصدرى عندما ترتخى عضلات الشهيق . مع ذلك خلال المستوى العالى من التهوية الرئوية تنشأ نبضات عصبية من منطقة الشهيق تنشط منطقة الزفير وبالتالى تصدر نبضات من منطقة الزفير تسبب انقباض عضلات ما بين الضلوع وعضلات البطن مما يقلل حجم التجويف الصدرى وتسبب الزفير الاجبارى .
• Pneumotaxic area المنطقة المثبطة لمنطقة الشهيق
هذه المنطقة وظيفتها تنسيق الانتقال بين الشهيق والزفير . حيث تنقل باستمرار نبضات مثبطة لمنطقة الشهيق ووظيفتها تثبيط منطقة الشهيق قبل أن تتمدد الرئتين بالهواء أكثر من اللازم بمعنى أنها تحدد مدة الشهيق وبالتالى تسهل عملية الزفير . وعند زيادة نشاط هذه المنطقة يحدث تنفس سريع .
• Apneustic area المنطقة المنشطة لمنطقة الشهيق
هذه المنطقة أيضاً تنسق الانتقال بين الشهيق والزفير . حيث ترسل نبضات منشطة لمنطقة الشهيق وبالتالى تنشطها وتطيل مدة الشهيق وبالتالى تثبط الزفير . هذا يحدث عندما تكون Pneumataxic غير نشطة ولكن عندما تكون Pneumataxic نشطة فإنها تبطل فعل الـ apneustic .
تنظيم نشاط مراكز التنفس
بالرغم من أن نمط التنفس يتحكم فيه عن طريق مركز التنفس إلا أن هذا النمط يمكن تعديله وفقاً للاحتياجات الميتابولزمية .
• قشرة المخ
يوجد اتصال بين قشرة المخ ومركز التنفس بمعنى أن الإنسان يستطيع إرادياً أن يغير معدل التنفس حيث يستطيع الإنسان أن يتوقف تماماً عن التنفس لفترة محدودة نظراً لتراكم CO2 ، H+ بالدم مما يسبب تنبيه قوى لمنطقة الشهيق حيث ترسل إشارات إلى عضلات الشهيق مما يؤدى لحدوث الشهيق إجبارياً . ووجد أن الإشارات العصبية من الهيبوثالمس تنبه مركز التنفس لذلك فإن الانفعالات العاطفية تغير نمط التنفس مثل البكاء على سبيل المثال .
• رد فعل التمدد
توجد مستقبلات للتمدد فى جدار الشعب والشعيبات فعند تنبيه هذه المستقبلات أثناء التمدد الزائد للرئتين فإنها ترسل إشارات عصبية إلى منطقة الشهيق ومنطقة apneustic مما يثبطهما وبالتالى يحدث الزفير وعند خروج الهواء أثناء الزفير تنكمش الرئتين ويزول تنبيه مستقبلات التمدد وبالتالى يزول تثبيط مناطق الشهيق والـ apneustic وعندئذ يبدأ شهيق جديد .
أمراض الغبار الرئوية