الوصية الخــامسـة .. العقــل زينــة
قال تعالى :
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا) " الحج : 46 "
وقال سبحانه :
(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) " يوسف : 2 "
وجاء في الأثر :
أول ما خلق الله العقل ، فقال له أقبل فأقبل ، ثم قال له أدبِر فأدبر ، فقال سبحانه : وعزتي وجلالي ما خلقت أفضل منك .
بين الإنسان والحيوان فرق واحد تنبثق عنه كافة الفروق . ألا وهو العقل . أعظم مخلوقات الله على الإطلاق . هو مناط العلم والتكليف والحساب . بدونه يصبح الإنسان حيواناً تسيره غرائزه الحيوانية وبه يتنقل الإنسان إلى المرتبة الأعلى بين مخلوقات الله ، والعقل آلة المعرفة ومنشؤها ومبدلها ومطورها . وكبقية الأعضاء وضع الإسلام له قوانين وتشريعات و أنظمة تليق بمستواه وتضعه عند حدوده وتستفيد من كل طاقاته المخبوءة فيه .
لذا فالعقل زينة الإنسان وهو دليله في البحث والعمل وسراجه في الظلمات ونجمته الهادية في عتمات الليالي الدهماء .
والمسلم الذي يوصله عقله على أسمى المعارف وأشرفها ، ويدله على خالقه دلالة اليقين و الاهتداء ، يجعل من عقله هذا وسيلته للسير على الطريق القويم لأنه يعلم أن هذا العقل هو مناط التكليف وان المسلم سوف يؤاخذ إذا لم يستخدم عقله استخداماً كاملاً ليصل به إلى النتائج المرجوة لزيادة الإيمان وتعميق اليقين . لذا قرن القرآن عملية التفكر في خلق الله بالنتيجة المحتومة وهي الإيمان وجعل هذه العملية دلالة العقل السليم وانه ما لم يصل المرء إلى هذه النتيجة فهو لم يستخدم عقله بالشكل السليم ..
قال تعالى :
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) " آل عمران : 190 - 191 "
إنهم أولوا الألباب الذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض ويصلون إلى نتيجة واحدة هي : ربنا ما خلقت هذا باطلاً ..
إنه الإيمان بأن الله لا يخلق شيئاً عبثاً ..
وأنت أيتها الأخت المسلمة :
أين أنت من هذا كله ؟
أنت و الرجل سواء . كلاكما مكلف بالتفكر والتدبر والوصول إلى هذه النتيجة اليقينية ، لكي يتعمق الإيمان في أرواحكم ويتغلغل اليقين ويزداد القلب ثباتاً وتمكيناً فلا تهتز جدرانه ولا تنهار قواعده . أنت مكلفة كشقيقك الرجل . فاليقين يقين يحمله الجميع ، رجلاً كان أو امرأة . والإيمان إيمان يعتنقه الطرفان دون فروق لأن التكليف بعد ذلك تماماً يتساوى للطرفين . والحساب يوم الدين على هذه الأمور أيضاً للطرفين على حد سواء .
أختي المسلمة ..
لا عمل بلا إيمان ، كما لا إيمان بلا عمل . وكلاهما العمل والإيمان لا يحصلان بدون العقل النير الموصل لليقين القوي .
فاعملي على أن يكون عقلك مكتملاً ناضجاً فاعلاً متجهاً صوب الحقيقة و الإيمان المثمر . و ستجدين نفسك مع المسابقات المقربات من الصحابيات المؤمنات اللواتي ما اتبعن الهدى إلا بعد أن استقر في عقولهن استقرار الجبال الرواسي . لهذا السبب نقول لك دائماً : العقل زينة ..
فليكن عقلك زينتك وحاديك إلى دروب الهدى واليقين ..