وَرَدَ في كتاب البِداية والنِهاية للعلاّمَة إبن كثير ، عن عكرمة مولى ابن عبّاس رضي الله عنهما ، قصّة مؤثّرة جدّا ، تتعلّق بثواب الصدقة ، وعظيم أجرها عند خالق الخلْقِ سُبحانه وتعالى..
ــ فذكر أنّ ملكاً من الملوك نادى في مملكته: (( إنّي إن وجَدْتُّ أحداً يتصدّق بصدقة قطعتُ يده ))..
ــ فجاء سائل إلى إمرأة فقال: " تصدّقي عليّ بشيءٍ..
ــ فقالت: (( كيف أتصدّق عليكَ والملِِك يقطع يد من يتصدّق ))؟!!
ــ قال: " أسألُك بوجْهِ الله إلاّ تصدّقتِّ عليّ بشيءٍ "..
ــ ((( فتصدّقَََتْ عليه بِرغِيفََيْن ))).
ــ فبلغ ذلك الملِك ، فأرسل إليها فقطع يديْها (بدون أن يراها) )).
ــ ثم إن الملك قال لأمِّه: (( دلّيني على إمرأةٍ جميلةٍ لأتزوّجها ))..
ــ فقالت: " إنّ ههُنا إمرأة ما رأيتُ مثلَها ، لولا عيبٍ بها " ..
ــ قال : (( أيُّ عيبٍ هو )) ؟؟
ــ قالت: مقطوعة اليدين .
ــ قال: ((فأرسَِلي إليها))! فلما رآها أعجَبَتْه (وكان جمالها خارِق).
ــ فقالت لها الأم : " إنّ الملك يريد أن يتزوّجك " ..
ــ قالت: (( نعم !!! إن شاء الله )) ..
فتزوجّها (الملِك) وأكرمها ، ( وأنجبتْ منه ولدا ، ولكن سعادتها لم تكتمِل ، فقد إمتحنَها الله ثانيةً في غياب زوجها) ..
ــ فقد خرج الملك الى بلد بعيد لقتال عدو ،، وكتب ( من مكان المعركة ) إلى أمه : (( إنظُُري فُُلانَة (أي زوجته صاحبة اليدين المقطوعتين ، وكان له زوجات كثيرات) ، فإستوصي بها خيراً ،، وإفعلي وإفعلي معها ))..
ــ فجاء ( ساعي البريد) فنزل على بعض ضرائِرِها ، فحسَدْنَها.. فأخذن الكتاب فغيّرنه وكتبن (بدلا عنه) إلى أمه:
(( انظري فلانة فقد بلغني أن رجالاً يأتونها فأخرجيها من البيت، وإفعلي وإفعلي ))..
ــ فكتَبَتْ إليه الأُم: " إنك قد كذبتَ.. وإنها لإمرأة صِدْقٍ"..
فذهب ساعي البريد إليهنّ ، فنزل بهنّ ، فأخذن الكتاب فغيّرْنَهُ ..
ــ فكتبن إليه: إنها فاجرة ، وقد ولدت غلاماً من الزنا..
ــ فغضب وكتب إلى أمه: انظري فلانة (أي زوجته المُفترى عليها) فإجعلي ولدها على رقبتها ( لأنها بدون يدين ) ، وأضربي على جيبها وأخرجيها ..
ــ فلما جاءها الكتاب قرأته (الأم) عليها ،
ــ وقالت لها: " أخرجي " (أي طردتها من القصر وهي مُقتنِعة ببراءتها) ..
ــ فجعلت (الأُُم لها) الصبِيّ على رقبتِها ، وذهبَتْ ( مُتّكِلة على خالِقها مُدبّر المُلْك سُبحانه وتعالى )،، فمرّت بنهرٍ وهي عطشانة ..
فنزلتْ لتشرَب ، والصبيّ على رقبَتٍها ،، فوقع في الماء فغَرَِقَ.. فجلسََتْ تبكي على شاطيء النهر..
ــ فمرّ بها رجلان ، فقالا: ((( ما يبكيك))) ؟؟؟
ــ فقالت: (( إبني كان على رقبتي، وليس لي يدان، فسقط في الماء فغرق)).
ــ فقالا لها: (((أتُحِبّين أن يَرُدّ الله عليكِ يديْكِ كما كانتا))) ؟؟؟
ــ قالت: (( نعم )) !
ــ فدعوا الله ربّهما لها،، فإستوت يداها (أي رجعتا الى مكانهما السابق من قبل قطعهما)
ــ ثم قالا لها : ((( أتدرين من نحن ))) ؟؟؟
ــ قالت: (( لا )) !!!
ــ قالا: ((( نحنُ الرغيفان اللذان تصدّقتِ بهما ))).