.لؤلؤة الجزائر. بنوتة جديدة
عدد الرسائل : 11 العمر : 28 الموقع : الجزائر المزاج : c.v نقاط : 27867 تاريخ التسجيل : 13/03/2012
| موضوع: معاني سورة ال............ الإثنين أبريل 02, 2012 3:54 pm | |
| ا لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد : ففي مناسبة من المناسبات(1) تكلم الشيخ ربيع عن قضايا التوحيد وعرّج على تفسير سور الفاتحة فقال حفظه الله : قال الله تعالى لنبيه الكريم : (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (الحجر 87) ما هي السبع المثاني ؟ هي سورة الفاتحة ؛أم القرآن ؛فإنها أم القرآن فعلا ؛اشتملت على ما تضمنه القرآن من عقائد وأعمال, ولهذا أخبر الله سبحانه وتعالى أنها السبع المثاني وأخبر رسول الله بذلك كما أخبر بذلك أبا هريرة وأبي بن كعب ما : أن المراد بالسبع المثاني إنما هي هذه السورة العظيمة الجامعة التي جمعت أنواع التوحيد والأعمال الصالحة والإيمان بالمعاد والإيمان بالنبوة؛ فهي عظيمة جدا, ولهذا سميت أم القرآن, وأم الشيء أصله كما يقال في مكة أم القرى, والفاتحة أم القرآن؛ لأن القرآن يدور عليها؛ معاني القرآن وأنواع التوحيد والأحكام والعبادات تَضَمَّنَتْها هذه السورة العظيمة . ) بسم الله الرحمن الرحيم هذا فيه توحيد الأسماء والصفات ثم تشرع فتقول : {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } هذا يتضمن توحيد الربوبية؛ فالآيات التي وردت في القرآن والأحاديث التي وردت في السنة تنصّ على أن الله رب العالمين وخالق هذا الكون ومدبره ومنظمه تندرج في قوله تعالى{ رَبِّ الْعَالَمِينَ } رب العالمين : سيدهم ومالكهم وخالقهم ,وسيد الكون منظمه ومدبره, المخلوقات كلها تدخل في (العالمين) . توحيد الربوبية بكل آياته وأحاديثه يتضمنها قول الله تبارك وتعالى)) : الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (( فالمحامد كلها لله وحده سبحانه, هو الذي يملكها ويستحقها, لماذا ؟ لأنه رب العالمين؛ سيدهم وخالقهم ومدبرهم ورازقهم, إلى آخر المعاني العظيمة التي تتضمنها هذه الآية . قوله : ((الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ )) تتضمن توحيد الأسماء والصفات؛ لأن الرحمة التي وسعت كل شيء لا يتصف بها إلا من هو كامل من كل الوجوه : من القدرة والإرادة والعلم والكلام وما شاكل ذلك, فكل الأسماء والصفات تضمنها قول الله : ((الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ)) . وقوله : ((مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)) هو مالك الدنيا والآخرة, يوم الدين وهو يوم البعث والنشور والحساب والجزاء والعقاب وما شاكل ذلك, وهذا أصل من أصول الإيمان, وتلك من أصول الإيمان أيضا . هذا الأصل -وهو يوم البعث والجزاء- ركن من أركان الإيمان دلّ عليه وقوله تبارك وتعالى : ((مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ))؛ لأن الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره . ثم قال : ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) هذه الآية تتضمن توحيد العبادة بكل أنواعها . ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ)) هذا التركيب يدلّ على الاختصاص والحصر؛ فالعبادة كلها لله لا يندّ شيء منها أبدا, ولا يجوز صرف مثقال ذرة منها لغير الله؛ لأن العبادة حقّ الله وحده خاصة به فلا يُعبَد إلا هو سبحانه وتعالى . فقال : ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) فلا نستعين إلا به, فمن يعبد غير الله فقد أشرك, ومن يستعين بغير الله فقد أشرك؛ الاستعانة بغير الله بالمخلوقين فيما لا يقدرون عليه هذا من الشرك بالله, لكن الاستعانة بالمخلوق فيما يقدر عليه؛ المخلوق الحاضر, الموجود عندك تقول له : أعطني شربة ماء, أعطني ثوبي, أعطني كذا, فهذه استعانة جائزة, والتعاون على البر والتقوى بين المؤمنين فيما يقدرون عليه . أما الاستعانة بالمخلوقين فيما لا يقدر عليه إلا الله فهذا شرك بالله تبارك وتعالى, فلا نستعين إلا به, كما في حديث ابن عباس)) : يا غلام إني أعلمك كلمات؛ احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده تجاهك, إذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف)) 2. ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لكم)) } غافر 60 { ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون ))البقرة 186 . فلا نعبد إلا الله ولا نستعين إلا به في الأمور العظيمة وغيرها التي لا يقدر عليها الإنسان والبشر جميعا أو من في الأرض جميعا, ليس لها إلا الله تبارك وتعالى يُستَعان به فيها عز وجل, وهذا معنى )) لا حول ولا قوة إلا بالله (( فلا حول للعباد ولا قوة لهم على شيء إلا بإذن الله وعونه سبحانه وتعالى فلولا عون الله لنا في أمور ديننا ودنيانا لا نستطيع أن نفعل شيئا ولا نستطيع أن نقوم بشيء لهذا فنحن في أمسّ الحاجة بل الضرورة إلى أن نطلب منه العون سبحانه وتعالى؛ فإنا ضعفاء وفقراء وعاجزون, فلا حول ولا قوة لنا على شيء من أمور ديننا ودنيانا إلا بالله العليّ العظيم, هكذا يجب أن يكون قلب المؤمن في مراقبته لله تبارك وتعالى وفي صلته بربّ العالمين؛ أن يستشعر أنه عبد ضعيف, فقير, وأن العباد كلهم ضعفاء, وأنهم لو اجتمعوا على أن يقدموا له شيئا لا يستطيعون إلا بشيء قد كتبه الله, لن يستطيعوا أن ينفعوه بشيء إلا إذا كان الله قد أراده وكتبه في الأزل ((واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك)) ,سبحانه وتعالى . المؤمن في الأحداث المدلهمة والمشاكل يلجأ إلى الله تبارك وتعالى ويؤمن بالقدر؛ فثمرة الإيمان بالقدر تكون عند الأحداث وعند المصائب وما شاكل ذلك . ولا يبرز الإيمان الصحيح؛ الإيمان بالله والإيمان بعلم الله الواسع وتقديره للأشياء كلها سبحانه وتعالى وأنه لا ينزل بالإنسان شيء من الخير أو الضرّ -مصائب أو غيرها- إلا بمشيئة الله سبحانه وتعالى, ويوقن بأن الله قد كتب هذا الشيء الذي نزل به أو أراده, قال تعالى)) : مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ. لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ (( الحديد : 22- 23 الذي يؤمن بالقدر الإيمان الصحيح لا يحزن ولا يأسف على شيء خسره وفاته من ولد أو مال أو غيره؛ قد يحزن الحزن المشروع لكن يصبر في نفس الوقت وينتظر الجزاء من الله على ما نزل به, فإذا كان كذلك فليس هناك خسارة أبدا), وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ. أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُون ( البقرة : 155- 157 . الذي يتدبر هذه الآيات وهذه والمعاني, تهون عليه الدنيا؛ لو خسر كل ما على الدنيا لا يأسف, وإذا جاءه شيء من فضل الله وكرمه وجوده لا يبطر: ((لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ)) فرح البطر والأشر, فكثير من الناس يفرحون بهذه الدنيا ويأشرون ويبطرون وينسون أن الله تبارك وتعالى ابتلاهم بهذا؛ ليشكروا أم يكفروا, كما قال نبي الله سليمان : ((قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُر)) النمل : 40 0 فالمؤمن يستشعر عند المصائب وعند النعم, لابد أن يستشعر أن الله سبحانه وتعالى يبتليه بالسراء والضراء أيشكر أم يكفر . فالمؤمن يشكر؛ يشكر الله تبارك وتعالى على النعم كثيرها وقليلها, دقيقها وجليلها ويصرِّف هذه النعم حسب أمر الله وفي ما يرضيه, ولا يصرفها بهواه؛ لأن المال مال الله, استخلفك فيه لينظر كيف تعمل فيه, ليس مالك, ولهذا ينزع منك ملكك وعبيدك وجنودك وإلى آخره؛ ينتزعك منهم فإذا بك أفقر الناس لا شيء بيدك لأنه ملكه؛ أنت ملك لله وما ملكك الله إياه وأعطاه إياك فإنما هو ملكه وفضله؛ أعطاك اختباراً وابتلاءً أتشكر أم تكفر. فالمؤمن يجب أن يكون بهذا الشكل؛ مستوعبا لهذه الأشياء, مردّ الأمور كلها إلى الله سبحانه وتعالى؛ فالمال ماله والملك ملكه سبحانه وتعالى, والعبادة له وحده سبحانه وتعالى, والعون منه وحده سبحانه وتعالى, هذا حال المؤمن . ويجب أن يمتلئ فؤاد وقلب المؤمن بهذه المعاني ويستحضرها في كل وقت, ولا يستولي عليه الشيطان فينسيه ذكر الله وينسيه هذه المعاني . بهذا ينمو الإيمان ويقوى؛ بالأعمال الصالحة والتفكير الجيد والتأمل والتدبر وفهم الأمور واستشعار مراقبة الله تعالى, والإيمان الصادق بأنه رب كل شيء ومالك كل شيء ورقيب على كل شيء, والمعطي المانع, والضار النافع, هو وحده سبحانه وتعالى . فهذه هي أنواع التوحيد ذكرناها لكم . ثم قال: ((إهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ )) نطلب منه الهداية سبحانه وتعالى, بعد أن عرفنا بأنه مالك يوم الدين, وأن العبادة خالصة له, وأننا فقراء إليه لا نستغني عنه إطلاقا سبحانه وتعالى, نطلب منه عز وجل . وهذه الأمور من قوله ((الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) إلى هنا مقدمات؛ كأنها إرشاد من الله أن نتوسل إليه بها إلى الله عز وجل . فالمؤمن يتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته, ويتوسل إليه بإيمانه وأعماله الصالحة, فمن أول السورة إلى هنا تتضمن الإيمان بربوبية الله, بأسمائه وصفاته, وبأنه مالك يوم الدين, وفيه اعتراف بأنه هو المعبود الحقّ وأنه هو الذي نستعين به وحده؛ هذه الأمور إيمان وأعمال صالحة, يُشرع لنا أن نتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته وبالأعمال الصالحة لهذا قال : ((إهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)). وكثير من المسلمين, حتى من الذين ينتمون إلى العلم -مع الأسف- لا يعرفون أنواع التوسل المشروعة التي شرعها الله عز وجل, فذهب الشيطان بهم إلى التوسلات بأمور ممنوعة ومبتدعة ! فالتوسل إلى الله تبارك وتعالى يكون بالإيمان به, بأسمائه وصفاته, بالأعمال الصالحة؛ هذه وردت فيها أحاديث والآيات هذه تدلّ عليها . يعني آمنا بالله وبأسمائه وبصفاته سبحانه وتعالى, بربوبيته, بأنه مالك يوم الدين, واعترفنا له بأنه هو المعبود الحقّ وأنه المستعان به وحده؛ هذه كلها إيمان وأعمال صالحة, الآن نتجه إليه بالدعاء ؛هذه أعظم وسيلة فنقول : ((إهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)) فأنت تتوسل إلى الله كل يوم في صلاتك لكنك لا تدري أن عندك أعظم أنواع التوسل . أما التوسل المبتدع؛ تقول : اللهم بجاه فلان, اللهم بحق فلان, ثم يجرك الشيطان إلى أن تدعو فلانا نفسه؛ يا بدوي, يا رفاعي, إلى آخر التسميات الكثيرة, وينسون دعاء الله وحده واللجوء إليه وحده في الشدائد ويتوسلون إليه بما لم يأذن به الله ولم يشرعه الله عز وجل !! أنت لما تقرأ هذه السورة, وتعرف هذه المعاني, تدرك أنك توسلت إلى الله بأعظم الوسائل وأوضحها, والله عز وجل يقول: ((وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)) الأعراف:180 تقول مثلا : اللهم بعزتك وبكرمك وبجودك ؛هذه صفاته نتوسل إليه بها, ونتوسل إليه كذلك بأسمائه : يا عزيز, يا كريم أكرمنا وأعزنا ؛هذه أسماؤه فادعوه بها, يعني توسلوا إليه بها . فهذه الآية -كما شرحنا لكم- فيها توسل وآيات كثيرة جدا فيها بيان التوسل المشروع ((الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)) آل عمران :191 هذه الآية فيها توسل عظيم؛((يذكرون الله قياماً))) ,عمل, (وقعوداً وعلى جنوبهم( عمل) (ويتفكرون) : يتدبرون ويتأملون في أن الله رب هذا الكون وخالقه ورازقه وما خلقه باطلا إلى آخره, ثم يقول : (( فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ))دعا؛ توسل بإيمانه وعمله الصالح ثم دعا فالتوسل إلى الله المشروع موجود, مبثوث في القرآن والسنة . والتوسل الممنوع المبتدع لا أصل له في كتاب الله ولا في سنة رسول الله , ويحتجون بحديث الرجل الأعمى من الصحابة, والحديث فيه كلام منهم من يحسنه ومنهم من يضعفه, لكن على فرض ثبوته فو الله إنه عليهم وليس لهم ! فعن عثمان بن حنيف : أن أعمى أتى إلى رسول الله فقال: يا رسول الله ! (ادع الله أن يكشف لي عن بصري) قال: (أو أَدَعُكَ) – وفي رواية: ( إن شئت أخرت ذلك وهو خير وإن شئت دعوت ) قال : فادعه- قال: يا رسول الله ! ( إنه قد شق علي ذهاب بصري ) قال : ( فانطلق فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيي محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة, يا محمد ! إني أتوجه إلى ربي بك أن يكشف لي عن بصري, اللهم شفعه في وشفعني في نفسي ) فرجع وقد كشف الله عن بصره (3) . فهذا الرجل عمل بالأسباب؛ يعرف أن رسول الله أفضل البشر, وأن دعوته مستجابة فجاء إلى النبي فطلب منه الدعاء فقال : (ادع الله أن يكشف لي عن بصري), لم يقل : (بجاهك يا رسول الله) أو جلس في بيته وقال : (بجاه محمد) بل جاء إلى الرسول وطلب منه الدعاء فقال : ( فادع الله لي, قال ) : إن شئت أخرت ذلك وهو خير وإن شئت دعوت ) خيَّره بين الصبر؛ الذي يفقد حبيبتيه يعوضه الله الجنة؛ إذا صبر وبقي على عماه يعوضه الله على عينيه اللتين فقدهما : الجنة, ( وإن شئت دَعوتُ لك ) يعني فيرجع الله بصرك, قال : ( فادعه ) ,هل في هذا حجة لهم أو عليهم ؟! حجة عليهم؛ يحتجون به وهم لا يفهمون معناه أو يغالطون !! فالتوسل هنا بشخص النبي أو بدعائه ؟! بدعائه , قال : ((إن شئت أخرت ذلك وهو خير وإن شئت دعوت)) قال: ( فادعُه ) أكد . فهو إذن ما طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم إلا الدعاء, ولم يتوسل بذاته أو بجاهه, ولو كان هذا التوسل جائزا لجلس في بيته ولم يحتج إلى أن يأتي عنده لكن هذا لا يوجد في الشريعة ولا يعترف به الصحابة ولا يعترف به علماء السنة أبدا, هذه توسلات بدعية : ( اللهم بجاه النبي ) وما شاكل ذلك . النبي لما كان موجودا يُطلَب منه الدعاء كقصة هذا الرجل الأعمى والحديث هذا حجة عليهم, وكانوا إذا قحطوا يطلبون منه الدعاء؛ يعني الاستسقاء, يقولون : استسق لنا يا رسول الله, ادع الله لنا . وما كانوا يجلسون في المسجد أو في منازلهم ويقولون : اللهم بجاه محمد؛ اللهم بجاه محمد ما كانوا يعتقدون ذلك ولا يفعلونه ولا يعتقدونه؛ هذه طرق الخرافيين ! الرسول يدعو, والمؤمن يدعو للمؤمنين؛ مشروع أن تدعو للمؤمنين الأحياء والأموات : ((رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)) (الحشر10) ,ونذهب إلى الأموات نسلم عليهم وندعو لهم . الآن أناس يذهبون إلى الأموات يستغيثون بهم ويتوسلون بهم !! هم أنفسهم محتاجون إلى من يدعو لهم وفقراء إلى الله, والأموات في ظلمات القبور ولا شك أنهم يستفيدون من دعاء المؤمنين الأحياء لهم ولهذا شرع الله دعاء الأحياء للأموات لا العكس (4). فهؤلاء المساكين يحرمون أنفسهم ويحرمون الموتى من الخير ويطلبون منهم ما لا يملكون منه لأنفسهم شيئا ويتوسلون بهم توسلا باطلا !! الحمد لله؛ القرآن والسنة واضحان في قضايا العقيدة, قضايا المنهج, وقضايا العبادات, كل شيء مبين, مفصل, موضح ليس فيه غموض, لكن الذين يعمي الله بصائرهم لا يدركون هذه الأشياء, ويذهبون يتخبطون خبط عشواء والعياذ بالله ! (( إهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ))؛ بعد هذه المقدمات العظيمة كلها نتجه إلى الله بقلوبنا وألسنتنا فنقول : (( إهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ )) نطلب منه بإخلاص أن يهدينا الصراط المستقيم وهو القرآن والتوحيد والإيمان وما جاء به الرسل عليهم السلام من التوحيد والإخلاص لله رب العالمين . فنطلب أن يهدينا الله إلى صراطهم (( الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ )) والصراط المستقيم هو هذا القرآن وما تضمنه, وما جاءت به الرسالات, وما كان عليه الرسول , هذا هو الصراط المستقيم؛ من توحيد وإيمان وأعمال صالحة إلى آخره . ((إهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ )) في أبواب الإيمان بالأسماء والصفات فلا نضل مثل الفلاسفة والجهمية والمعتزلة . واهدنا في العبادة؛ فلا نضل كما ضلّ اليهود والنصارى وعباد القبور, نستشعر هذه المعاني, فالصراط المستقيم هو : التوحيد والإيمان والإخلاص, الطريق الذي كان عليه الأنبياء, لهذا قال : ((صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ)) اليهود يعرفون الحقّ ويخالفونه عمدا وعنادا وكبرا؛ هؤلاء مغضوب عليهم, ((الضَّالِّينَ)) الذين جهلوا الحقّ فتاهوا, والذي يضلّ من علماء هذه الأمة فيه شبه باليهود كما قال السلف, ومن يضلّ من عبادهم فيه شبه بالنصارى . كثير من الصوفية ضالون مثل ضلال النصارى؛ يدعون غير الله, يستغيثون بغير الله وكذا وكذا ضلال والعياذ بالله ! النصارى ضلّوا فعبدوا عيسى عليه السلام, ضحك عليهم اليهود وقالوا لهم : إنه هو الله, أو ثالث ثلاثة أو هو ابن الله, فوقعوا في الكفر بالله تبارك وتعالى والشرك به وانقادوا لهم لأنهم ضلاّل !! وهكذا دعاة السوء, الفجرة, يُضلُّون كثيرا من الناس . فنحن نستعين بالله وندع الله أن يهدنا إلى الصراط المستقيم وأن يجنبنا طرق المغضوب عليهم؛ الذين يعلمون الحقّ ولا يعملون به, أو الضالين الذين لا يعرفون الحقّ ويعبدون الله بأهوائهم وجهلهم, وكلهم على ما يسخطه الله ويغضبه وكلهم على ضلال والعياذ بالله. نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لمعرفة الحقّ والثبات عليه ,وأن يجعلنا من أتباع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين الذين رضي عنهم سبحانه وتعالى ,وأن يجنبنا طريق المغضوب عليهم والضالين , إن ربنا لسميع الدعاء وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . قام بتفريغ هذه المادة وعرضها على الشيخ -حفظه الله-
| |
|